كيف نحب الله 00 ؟
إن المحبة صورة من صور المعاملة التي ينبغي أن يعامل بها العبد ربه , وأكبر عامل يؤثر ويحدد درجة المعاملة هو المعرفة 00
فكلما إزدادت المعرفة بالله إزداد له حباً وإجلالاً وخشية , وفي المقابل عندما يجهل الانسان ربه ولا يعرف قدره فإنه يعامله معاملة لا تليق بجلاله وكماله , والمعرفة المطلوبة ليست معرفة تخاطب العقل فقط , فالكثير يتحدث عن حبه لله , فإذا نظرت لواقعه وجدته لا خشية ولا تقوى ولا إجلال لله 0
فإن أردنا معرفة تؤثر في المعاملة فلابد أن يتم عن طريق مخاطبة العقل والقلب معاً , إيماناً مستقراً في القلب يظهر أثره في سلوك العبد وأعماله 0
والمسلم في عبوديته وحبه لله ما بين أمرين خوف ورجاء , فكما أنه ينبغي للمسلم أن يفتح لقلبه باباً لحب الله والرجاء فيه فعليه أن يفتح باباً للخوف منه سبحانه وخشيته 00
وكلما تعرف العبد على مظاهر حب ربه له انعكس ذلك على علاقته به سبحانه فيزداد له حباً وشوقاً حتى يصير الله عزوجل أحب إليه من كل شيىء عند ذلك سيجد الثمار الحلوة أمامه دون عناء أو مشقة ومن هذه الثمار المتوقعة :
أولاً: الرضا بالقضاء
فجميع الأقدار التي يقدرها الله عزوجل لعباده تحمل في طياتها الخير الحقيقي لهم وإن بدت غير ذلك 0
ثانياً : التلذذ بالعبادة
المحب يقبل على محبوبه بسعادة ولذة ونعيم ويطيع أوامره برضى يحرك ما حرك موسى عليه السلام عندما قال لربه ( وعجلت إليك ربي لترضى ) طه 84 , وكذلك جعل رسولنا يقول لبلال : " أرحنا بها يا بلال " 0
ثالثاً : الشوق الى الله
عندما يتمكن حب الله في قلب العبد فإنه يغتنم أية فرصة للخلوة به سبحانه وبذكره ومناجاته حتى يأتي العلم فيخبره أن لا لقاء لله إلا بعد الموت فيزداد الشوق الى هذا اللقاء وأي لقاء 0
رابعاً : التضحية من أجله والجهاد في سبيله
المحبة الصادقة لله عزوجل تدفع صاحبها لبذل كل ما يملكه من أجل نيل رضى محبوبه , وليس ذلك فحسب بل إنه يفعل ذلك بسعادة وكل ما يتمناه أن تحوز هذه التضحية على رضاه 0
خامساً : الرجاء والطمع فيما عند الله
كلما اشتد الحب اشتد الرجاء في الله وحسن الظن فيه ألا يُلقي حبيبه في النار , فالمحب لا يُعذب حبيبه كما جاء الرد الإلهي على اليهود عندما قالوا " نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم " المائدة 18 , وفي الحديث أنه قال : " والله لا يلقي الله حبيبه في النار " صحيح الجامع (7095) 0
سادساً : الحياء من الله
المحب الصادق يستحي أن يراه حبيبه في وضع مشين أو مكان لا يحب أن يراه فيه , فإذا وقع في معصية أو تقصير سارع بالاعتذار إليه واسترضائه بشتى الطرق 0
سابعاً : الشفقة على الخلق
من ثمار المحبة تلك الشفقة التي يجدها المحب في قلبه تجاه الناس جميعاً , بخاصة العصاة منهم شفيقاً على الخلق حريصاً على دعوتهم 0
ثامناً : الغيرة لله
عندما يستبد حب الله في قلب العبد يجعله يغار لمولاه وعلى محارمه أن تنتهك وحدوده أن تتجاوز وأوامره أن تخالف , فمع شفقته على العصاة إلا أن هذا لا يمنعه من بغضه لتصرفاتهم التي تغضب ربه ولو كانت من أقرب الناس إليه , ومن لوازم هذه الغيرة الغيرة على رسوله وكيف لا وهو أحب الخلق الى الله , فلو كانت المحبة لله صادقة لتبعها ولازمتها محبة رسوله والغيرة عليه 0
تاسعاً : الغنى بالله
مع كل الثمار السابقة تأتي أهم ثمرة للمحبة ألا وهي الإستغناء بالله سبحانه والأكتفاء به ( والله خير وأبقى ) طه 73 0